مانجة عرابي صغار في الذهاب وفي الإياب
مسكين أحمد عرابي!
بص، مش هـ أتكلم عن «ثورة عرابي» اللي اتقال عليها «هوجة عرابي»، ولا على إن حظه الهباب خلاه يبدو أمام التاريخ مسئول عن الاحتلال الإنجليزي لـ مصر، اللي كان جي جي، وده يعني مش معناه إن عرابي كان عظيم والجوده، هو ظابط عادي حطته الظروف في مواقف أكبر منه، لا هو اللي عملها، ولا كان قدها.
انتهت الأحداث بـ احتجاز عرابي في ثكنات العباسية، واتعملت له محاكمة عاجلة في 3 ديسمبر ۱۸۸٢، اتحكم عليه فيها بـ الإعدام، وكان حكم صوري معروف إنه هـ يتخفف، لـ إنه كان فيه اتفاق على كده بين سلطة الاحتلال الإنجليزي (اللي كان لسه بادئ) وبين القضاة المصريين. تخفيف الحكم كان بـ حكم بديل هو النفي إلى سيريلانكا علشان يقضي بقية عمره هناك، ما بـ يعملش حاجة غير إنه يقول: «أنا إيه اللي جابني هنا؟»، أو زي ما بـ تقول النكتة: «مين اللي زقني في المية؟».
قمة المسخرة لما اتعرض عليه مرة إنه يعمل إعلان شاي هناك، طبعا مش في التلفزيون، مكنش ظهر، إنها في جريدة من الجرايد، يحطوا صورته ويكتبوا تحتها: عرابي يشرب شاي كذا، وهو طبعا رفض.
اما ارجع لعقلي
كل ما كانت تعدي عليه سنة، ويثبت الاحتلال الإنجليزي في مصر، يحس إنه ضيع نفسه أونطة، وإن الهوجة مكنتش جايبة همها، ووصل بيه الهوان إنه يبعت التراسات لـ سلطات الاحتلال إنهم يصفحوا عنه، ويسيبوه يرجع يموت في مصر. جريدة المقطم ساعتها، وكانت مؤيدة لـ الإنجليز، نشرت التماس من الالتماسات دي، بدأه بـ إنه شكر في السلطة الإنجليزية في مصر، ومدح الإصلاحات اللي أجروها في المحروسة، وبعدين قال نصا:
«إنني أبغي أن أموت في بلادي، بين أهلي وخلاني، وأشتهي أن أرى مصر والذين أحبهم قبل دنو أجلي، فإذا أذنت لى إنجلترا في الذهاب إلى مصر، فإنني أذهب كصديق لا عدو مقاوم، وأقسم بشر في أنني لا أتصدى للسياسة بوجه من الوجوه، هذا ما أسأله من أمتكم العظيمة التي عاملتني بالرفق والشفقة »
كان طبيعي إن السلطات الإنجليزية ترأف بـ حالة الراجل العجوز، اللي اتحط في وش المدفع من غير ذنب، فـ خدوا قرار إنه يرجع، ورجع فعلا سنة 1901.
ابتدت الحفلة
المشكلة مش هنا، المشكلة إن فيه مجلة اسمها المجلة المصرية، لـ صاحبها ومنشئها خليل مطران شاعر القطرين، نشرت قصيدة في العدد الثاني بـ تاريخ 15 يونيو ١٩٠١، عنوانها عاد لها عرابي، من غير اسم الشاعر اللي كتبها، القصيدة كلها شتيمة في أحمد عرابي، ومن أولها كده: «صغار في الذهاب وفي الإياب أهذا كل شأنك يا عرابي؟ »
القصيدة اشتهرت أوي ساعتها، وبدأت الناس تشمشم علشان تعرف شاعرها، لـ إنها كانت قصيدة حراقة أوي. فـ أعادت نشرها جريدة اللواء، في العدد ٥٣٢ بتاريخ 11 يوليو ١٩٠١، ووقعتها بـ إمضاء «انديم»، وكتبت لها المقدمة دي:
«نشرت المجلة المصرية تحت هذا العنوان قصيدة غراء لشاعر من أكبر الشعراء، بل أكبرهم بلا نزاع، فأحببنا نقلها، إظهارا لشعور أمير القريض والبيان في عودة عرابي إلى مصر ” .
أهي كده بانت لبنها، اللي كتب القصيدة الرداحة دي أحمد بيه شوقي بـ ذات نفسه، يشهر بـ عرابي، ويشتم فيه، ويطلع سنسفيل أهله.
ليه كل دا
بس ليه كده يا شوقي بيه، هو مش الضرب في الميت حرام؟ الراجل عمل إيه يعني؟ ما هو بقاله عشرين سنة بره، وخلاص قصته بقت ذكرى الناس بـ تفتكرها من بعيد لـ بعيد، فـ قال لك يا سيدي، كل ده بـ سبب الإشاعة .
أصلك طلع كلام وقتها إن عرابي طلب من الإنجليز يدوله حكم مصر على أساس نسبه لـ الحسين بن . هو من الأشراف، فـ الخديوي واللي معاه يقرروا يجرسوه، ، طلع الكلام ده صح ولا غلط، وأهو العيار اللي ما يصيبش يدوش.
عاش عرابي أواخر أيامه في السيدة زينب، بعيد عن السياسة وقرفها، بس قبل ما يتوفى، وفي رجعته من آسيا، عمل فينا معروف كبير.
جاب معاه بذور مانجة، ودي كانت أول مرة تتزرع في مصر، ومن ساعتها.
وعلى رأي الشاعر اللي قال:
عظيمة يا مانجة.