الشاهد الأمين
من القيادة العامة للقوات المسلحة إلى اللواء البحري جلال بك علوبة قائد عام اليخوت الملكية
“عليكم الإبحار باليخت الملكي المحروسة، اليوم، الساعة 1800 لنقل حضرة صاحب الجلالة، الملك فاروق الأول، إلى خارج البلاد، بعد تنازله عن العرش، والعودة بهذا البخت سليها إلى ميناء الإسكندرية فورا.”
فريق محمد نجيب
القائد العام للقوات المسلحة
الساعة 1500 يوم ٢٦ يوليو ١٩٥٢.
ده كان الأمر الصادر من القوات المسلحة، لـ قائد يخت المحروسة، إنه يطلع بـ الملك بره البلد، حكاية رحيل الملك على يخت المحروسة دي معروفة، بس مش عارف ليه من وأنا صغير كنت عايز أعرف أكثر عن قائد اليخت و مشاعره ومصيره، لـ حد ما قريت مقال من حوالي تسع عشر سنين عن الراجل ده ومذكراته، واكتشفت إنه حقيقي يستاهل.
الرحلة الاخيرة للملك
الراجل اسمه جلال علوبة، زي ما هو واضح من الجواب، وهو بلدياتي من أسيوط، ولو إن القرية اللي اتولد فيها، بقت تتبع محافظة سوهاج حاليا. والمجال ممكن ما يتسعش – سرد قصة حياته، وعموما ده مش هدف الكتاب، ف خليني أركز معاك على كام حاجة تخص الرحلة الأخيرة لـ الملك بـ وصفه ملك:
أولًا، جلال بك علوبة ع غير طبيعي، اعترف بـ صحته الناس اللي مش في معسكره (اللي شايفين يوليو ثورة على نظام ظالم)، قبل الناس اللي في معسكره (اللي شايفينها انقلاب على نظام شرعي) المهم الحاجة إيه؟ صاحبنا ده اتعرض عليه مليون جنيه (سنة ٥٢) من الملك إنه يفضل معاه في أوروبا وما يرجعش مصر ، فـ رفض علشان هو مسئول عن أمانة هي تحت المحروسة، ولازم يرجعها سليمة لـ البلد.
ممكن طبعا يتقال إنه خاف من ظباط يوليو، ولو عمل كده كان ممكن يطاردوه، بس إيطاليا مكنتش هـ تسلمه لو عمل كده، ثم إن مليون جنيه تقعده باشا في أي بلد إن شا الله حتى أمريكا ذات نفسها.
ممكن كان يتقال: وهو الملك هـ يدفع ليه كل الفلوس دي؟ خصوصا إنه هـ يدفعها لـ واحد يعني شغال عنده، ماهوش صاحبه ولا قريبه؟ لكن اللي فهمته إن المبلغ اتعرض من الملك، اللي ما باقش ملك، علشان «المحروسة» نفسها تفضل معاه، ولو كان علوية ساب اليخت لـ الملك، وخد الفلوس وهرب بيها، لا كان حد هـ يعرف يوصل له أو يوصل لـ اليخت، أو الفلوس.
ثورة ولا انقلاب
ثانيا، رغم الموقف اللي خده الأمير جلال علوية، يوليو خدت منه موقف عنيف، وتمت الإطاحة بيه بعد أقل من ثلاث شهور على رجوعه بـ اليخت، يمكن لـ إنه كان من أخلص الرجال لـ الملك، ولـ بيت الملك، وتربطه بـ القصر علاقات شخصية، ويمكن لـ إنه تعامل مع اللي حصل ب اعتباره انقلاب عسكري، وفضل يتعامل معاه على هذا الأساس لـ حد ما مات وهو عنده 90 سنة تقريبا.
قصف المحروسة؟
ثالثا، كل تفاصيل الرحلة هـ تلاقيها في مذكرات جلال علوبة اللي كتبها ونشرها سنة 1977، ومش غريب إنه ينشرها في الوقت ده لـ إن دي كانت الفترة اللي يوليو عملت ما يشبه الانقلاب على عبد الناصر، والسادات كان فاتح باب شتيمة سلفه على مصراعيه.
الغريب إن أكتر ناس استشهدوا بـ المذكرات دي هم الناصريين، لـ إن الأميرة فريال جت فترة كده وقالت تصريح إن رجال يوليو كانوا عايزين يقصفوا يخت المحروسة لولا استبسال جلال بك علوبة، اللي أنقذ الموقف.
ده كلام مش منطقي، لـ إن الملك والعيلة المالكة كلها كانوا في إيد رجال يوليو وكانوا ممكن يعدموهم لو عايزين، ما هي ثورة بقى، وبـ غض النظر عن ده، مذكرات علوبة نفسه اللي ذكر فيها تفاصيل الرحلة خلت من أي كلام عن المحاولة دي. والله أعلى وأعلم..