الظباط ولا الإخوان؟
بعد حرب 48، مصر اتقلبت، كل حاجة ما بقيتش في مطرحها، 1948 كانت لحظة مهمة انفجرت فيها أوضاع كانت مكتومة بقالها شوية، وحصل انهيار لـ شعبية الملك فاروق، اللي كان عنده بـ الفعل شعبية في السنين الأولى من حكمه. والانهيار كان مفاجئ وسريع وقوي.
في اللحظات دي نشط تنظيم الظباط الأحرار، وكان عبد الناصر دينامو التنظيم، كان ظابط في الجيش، وحارب على الجبهة، ورجع يدبر لـ اللي هـ يحصل في ٢٣ يوليو ١٩٥٢، بس دايها كان فيه سؤال شاغلني: وهو فين البوليس السياسي من ده كله، ازاي ساب تنظيم الظباط الأحرار يستفحل لـ حد ما يوصل لـ درجة الإطاحة بـ الملك؟
فيه واقعة الناس بـ تستنتج منها إنهم كانوا «حاسين»، بس الواقعة دي على العكس بـ النسبة لي، بـ تأكد إنهم كانوا نايمين في العسل، خلينا نشوف الواقعة وبعدين نعلق عليها:
في يوم من الفترة التالية لـ الحرب، وتحديدا في ٢٤ يونيه 1949، جه عثمان باشا المهدي رئيس هيئة أركان حرب الجيش، استدعى الظابط جمال عبد الناصر، وطلب منه إنه يقابل رئيس الوزرا إبراهيم باشا عبد الهادي. وراح فعلا عبد الناصر لـ «المقابلة» بـ حضور أحمد طلعت رئيس القلم باسي، اللي وجوده خلى المقابلة «تحقيق» بـ معنى أو بـ آخر .
علاقة عبدالناصر بالاخوان
فيه كذا رواية لـ التحقيق ده، لكن اللي بـ نفهمه من الروايات المختلفة إن البوليس السياسي كان مهتم يعرف علاقة عبد الناصر بـ تنظيم الإخوان المسلمين، خصوصا إنهم لقوا مع التنظيم كتيب سري، المفروض يتوزع في نطاق الجيش، عن كيفية تصنيع الأسلحة والقنابل اليدوية، والكتيب ده تأليف اليوزباشي جمال عبد الناصر، فـ كانوا عايزين يعرفوا ازاي كتيب زي ده يوصل لـ التنظيم.
ربا تطرق التحقيق كان لـ علاقة عبد الناصر بـ تدريب مدنيين في الحرب، اللي شهدت اختلاط بين المتطوعين والجيش زي ما شفنا في قصة البطل أحمد عبد العزيز، فـ هما كانوا عايزين يعرفوا حدود تدريب المدنيين، وطبيعتهم، وهل ليهم علاقة بـ الإخوان المسلمين.
لما نضيف لـ ده إن رئيس الوزرا ده كان جي على طول بعد اغتيال محمود فهمي النقراشي على إيد الإخوان نفسهم، نفهم إن المستهدف من إجراء تحقيق زي ده هو تجميع الخيوط بـ خصوص الإخوان ومدى توغلهم في مؤسسات الدولة المختلفة، وعلى راسها طبعا المؤسسة العسكرية.
مفيش أي رواية، بـ حسب علمي، ذكرت إن التحقيق مع ناصر تطرق إلى تنظيم الظباط الأحرار من قريب أو من بعيد، لا بـ التصريح ولا حتى بـ التلميح، كل الكلام كان مودي في سكة الإخوان.
الرواية الصحيحة
رواية خالد محيي كانت أكثر صراحة في ربط اللقاء بـ الإخوان، وحكى إنه كان معاصر لـ الحكاية، بـ معنى إن ثروت عكاشة، اللي كان واحد من الظباط الأحرار، واللي بعد كده بقى أشهر وزير ثقافة، وصلته أخبار عن التحقيق، في طلب من محيي الدين يقابله في مكان هادي، وشرح له حكاية صلة التنظيم بـ الإخوان.
حتى الرواية اللي ما جابتش سيرة وان، وهي رواية سامي شرف، مدير مكتب عبد الناصر، بس بعد ما بقى رئيس الجمهورية، ما جابتش سيرة الظباط الأحرار وركز على ثبات عبد الناصر الانفعالي في التحقيق. على أي حال نجح عبد الناصر في إنه يفلت من التحقيق بـ إنه ربط كل الخيوط، التدريب والكتيب والإخوان، بـ ظابط واحد، ولما سأله رئيس الوزرا عن اسم الظابط قال له: اليوزباشي أنور النصيحي، فـ رئيس الوزرا سأله عن بيانات النصيحي، فـ ناصر قال له إنه استشهد في 1948، بـ ما معناه إنهاء الموضوع. بس الموضوع ما انتهاش.