الورد اللي قطفته مصر
قليلين لـ الأسف اللي يعرفوا خميس والبقري، ومن القليلين دول قليلين خالص خالص اللي يعرفوا إنهم لما اتعدموا مكنش واحد منهم كمل العشرين سنة.
خميس، اسمه مصطفى خميس، كان عنده وقت إعدامه 17 سنة، ومع ذلك كان بقاله خمس سنين في شركة كفر الدوار لـ الغزل والنسيج، تحديدا في إدارة المخازن والأقمشة، اللي بدأ يشتغل فيها وهو عنده ١٢ سنة، ده كان سنة 1947.
البقري كان اسمه علي محمد البقري، كان زميل خميس في نفس الشركة، وكان عمره 19 سنة وكسور، بس متجوز ومخلف خمس عيال (في الأقاليم بـ يتجوزوا بدري أوي) وكانت أمه سـت بيـاعـة فجل وجرجير، وكان بـ يجري على عياله، يجري وخطوه وئيد من تقل أحماله، على رأي صلاح جاهين.
مظاهرات عادي
يوم التلات ١٢ أغسطس ١٩٥٢، بعد أقل من تلات أسابيع على «الثورة»، قامت مظاهرات في كفر الدوار، المظاهرات كانت ضد إدارة الشركة متمثلة في محمد حسين الجمال (مدير عام الشركة)، وابن عمه عزيز الجمال (مدير عام النسيج)، والسكرتير العام ليها حسين فهمي، (تركي).
حاولت المظاهرات تفصل بين اللي قامت ضدهم من جهة (وكانوا من فلول نظام الملك) وبين «الحركة» بتاعة الظباط الأحرار، فـ هتفت لـ قائد الحركة محمد نجيب، بس لـ إن الأوضاع كانت متوترة، الأمن تعامل مع المظاهرات (عبد الناصر كان وزير داخلية) وحصلت مواجهات انتهت بـ مقتل عسكري اسمه سيد الجمل وإصابة خمسين من الأمن والعمال.
وصلت الأنباء لـ مجلس قيادة الثورة، في قرر محمد نجیب تشکیل مجلس عسكري لـ محاكمة المتهمين اللي وصل عددهم ٢٩ متهم، وبدأت إجراءات المحاكمة يوم السبت 16 أغسطس بمقر الشركة.
محكمة عسكرية؟
تشكلت المحكمة العسكرية وقتها بـ رئاسة البكباشي عبدالمنعم أمين، وعضوية كل من البكباشي عبدالعظيم شحاتة وحسن إبراهيم. وكان في عضویتها كوادر من الإخوان المسلمين، ووقتها كتب سيد قطب مقال شهير يدين فيه الاحتجاجات ويطالب بـ إعدام العمال. وكان على راس المتهمين خميس والبقري.
رئيس المحاكمة سأل المتهمين إذا كان عندهم محامي، مفيش طبعا، فـ سأل الحاضرين إذا كان فيهم محامي، فـ طلع موسى صبري، اللي كان رايح يغطي الحدث لـ أخبار اليوم، بـ اعتباره ليسانس حقوق، ودافع عنهم، وكان المفروض دفاعه يجيب لهم البراءة.
تمويل اه والله
تاني يوم اتغير الشهود، وصدر حكم مجلس المحاكمة بـ الإعدام، وراح الحكم لـ محمد نجيب علشان يصدق عليه، ونجيب بـ يقول في مذكراته إنه مكنش عايز يصدق على الحكم بـ الإعدام، بس اللي حواليه قعدوا يخوفوه، وقالوا له البلد هـ تفلت من إيدينا، فـ طلب يقابل العيال، فـ قابلهم، وما قدرش ياخد منهم حاجة تخفف الحكم عنهم، لـ إنهم رفضوا يعترفوا بـ إن فيه تنظيم بـ يمولهم.
حقيقي بـ أتأثر لما أفتكر اللي كتبه نجيب عن مصطفى خميس اللي عنده 17 سنة:
«كان صاحب مبدأ لم يخنه حتى في الفرصة الأخيرة لنجاته » في التمانينيات، الوفد عملت حوار مع رئيس المحكمة، اللي أصدر الحكم بـ الإعدام، وقال فيه :
لم أندم على قرار الإعدام ولكن أنا بعدما قررت الحكم ظللت بعدها 15 يوما لا أنام. أصحو من النوم مفزوعا. لماذا؟ لا أعرف. لا أستطيع أن أقول لكم هذا كان شعورا طبيعيا، وأذكر أنني لم أقرأ حكم الإعدام رغم أنني كنت رئيس المحكمة، كلفت عاطف نصار بأن يقرأ حكم الإعدام نيابة عني، إنني كنت أرتعش وهو يقرأ الحكم» .
قدام 1500 عامل من مصانع البيضا والحرير الصناعي وكفر الدوار، وقف ظابط يتلو الحكم بـ إعدام مصطفى خميس والبقري شنقا، 1500 عامل ومع ذلك هدوء ترمي فيه الإبرة ترن، مصطفى خميس وقف ما انهارش وما اتكلمش، وقف يبص لـ البقري وهو بـ يهتف:
“هـ اموت وأنا مظلوم، إحنا كنا بـ نأيد الحركة وبـ تهتف لـ قائدها، يا رب أنا هـ اقابلك وأنا مظلوم، حرام یا ناس حرام».
واتنفذ حكم الإعدام يوم 7 سبتمبر في سجن الحضرة بـ إسكندرية .
الله يرحمهم..