بلاد فارس منطقة تقع في وسط إيران في الأهواز، جنوب أصفهان. وبلاد فارس اسم كان يطلق أيضاً على عموم الأراضي الإيرانية بعد عام 1935. إقليم فارس هي مناطق في جنوب إيران تشکل فيها اللغة الفارسية اللغة الأساسية، وتشمل مناطق ومحافظات: فارس، بوشهر، كهكیلویه وبویر أحمد، شرق محافظة خوزستان، غرب هرمزكان .
تحوّل اسم بلاد فارس
ظلّت بلاد فارس تُعرف بهذا الاسم حتّى عام 1935م عندما قرر الشّاه رضا بهلوي تحويل اسمها ليصبح مملكة إيران. أمّا أصول كلمة إيران فمشتقة من آرى نسبة للآريين الذين وصلوا إلى الجهة الغربيّة من بلاد فارس في حوالي سنة 2000 قبل الميلاد، بالتزامن مع فترة حُكم الآشوريين الذين ساهموا في تأسيس الإمبراطوريّة الفارسيّة.
ملامح بلاد فارس
امتدّت الملامح القديمة لبلاد فارس حتّى شملت أراضٍ أكبر وأوسع من الأراضي التي تشملها إيران في الوقت الحالي، كما أنّها شملت مجموعة من الشعوب والمناطق والدول الكثيرة، فقد وصلت إلى الأراضي المصريّة. واستمر اسم فارس مستخدماً للإشارة إلى الأرض التي توجد عليها إيران حالياً حتّى عام 1979م؛ إذ صار اسم إيران الأكثر استخداماً حول العالم .
تُعدّ مساحة بلاد فارس (إيران) الجغرافيّة كبيرةً؛ بسبب شمولها للعديد من التضاريس الجغرافيّة، فهي تحتوي على سلسلتين من الجبال المهمة، وهما جبال البرز الواقعة في الجهة الشماليّة من الدولة، والممتدة من الجهة الشماليّة الغربيّة للقوقاز وصولاً إلى الجهة الشرقيّة عند خراسان، وجبال الزاجروس الممتدة من الجهة الغربيّة للدولة وصولاً إلى الجهة الجنوبيّة الشرقيّة، كما تحتوي بلاد فارس على مساحات صحراويّة كبيرة، وهي صحاري لوط وكوير اللتان تقعان في الجهة الشرقيّة من الدولة، وهما غير صالحتين للعيش .
نبذة عن تاريخ تأسيس بلاد فارس
يعود تأسيس بلاد فارس إلى مُؤسّسها الملك كورش الثّاني (سيروس الثّاني)؛ حيث احتل العاصمة الخاصة بالميديين والمعروفة باسم إكبتانا وسيطر على الإمبراطوريّة الميدية بشكلٍ تام، وكان احتلاله لميديا هو الخطوة الأولى نحو تأسيسه لبلاد فارس، كما خاض مجموعة من الحروب الأُخرى التي اعتمد فيها على إنشاء تحالفات مع العديد من الحُكام والملوك.
بعد انتهاء حُكم الملك كورش حكم ابنه كامبيسيس الثّاني بلاد فارس وضمّ لها مصر، ولكن اندلاع بعض المشاكل والصراعات أدّى إلى قتله، ليستلم الحُكم بعد ذلك داريوس الأوّل الذي استطاع أن يستعيدَ السيطرة على الإمبراطوريّة الفارسيّة، وحرص على تقسيمها إلى حوالي 20 مقاطعة، ساهمت كلّ واحدة منها في تطوير بلاد فارس. وأدّت أفكار داريوس إلى توفير الحماية المناسبة للمال العام؛ من خلال اعتماده على الضرائب التي استخدمها في عملية بناء الأسلحة البحريّة، ودعم النفقات العامة، وتزويد الأموال للعمليات المُتخصّصة بإنشاء الطُرق، والتنقيب لاستخراج المعادن، ودعم عمليات الرّي المائيّ، وغيرها من النشاطات الأُخرى.
حرص داريوس خلال الفترة الزمنيّة بين سنوات 486 و522 ق.م على مدّ مجموعة من الطُرق في أراضي بلاد فارس، ووصل امتدادها إلى حوالي 3200 كم؛ من أجل تعزيز الاتصالات والربط بين أماكن الإمبراطوريّة الفارسيّة عن طريق الاعتماد على الرّجال والخيول في نقل الرسائل، وحمل الوثائق بين المقاطعات، وقد ساهمت هذه الفكرة في وصول الرسائل بشكلٍ سريع، واستخدمت اللغة الآرامية في كتابة جميع الرسائل المنقولة بين المناطق؛ وهي لغة منتمية لإحدى القبائل السوريّة وشهدت انتشاراً ملحوظاً في آشور وبابل؛ ممّا ساهم في وصولها إلى الكثير من الأماكن الأُخرى.
اهتمّ داريوس ببناء بيئة إداريّة لبلاد فارس، واختار الديانة الزرادشتيّة حتّى تكون الدين الرسميّ للدولة، كما حرص على تأسيس السلالة الأخمينيّة، وفي سنة 521 ق.م نقل عاصمة الإمبراطوريّة الفارسيّة إلى مدينة سوسا، وحرص على بناء قصرٍ وقاعةٍ مُخصّصة للنّاس. ومع مرور الوقت – وتحديداً خلال فترة القرن السادس ق.م – اشتهرت بلاد فارس بانتشار حرفة صناعة السجاد، فأصبحت السجادة الواحدة تُمثّل عملاً فنيّاً، وتحفةً امتلكها الأفراد الذين عاشوا على أرض الهضبة الغربيّة الآسيويّة، والممتدة من الأراضيّ التركيّة عبر الأراضي الإيرانيّة.
العمارة في بلاد فارس
تميّزت بلاد فارس بنوعية عمارة خاصة بها، وتأثّرت بمجموعة من العوامل الأساسيّة، والجوانب النظريّة، وفيما يأتي معلومات عن كلٍّ منها:
العوامل الأساسيّة المُؤثّرة في عمارة بلاد فارس الآتي:
- العوامل الإنسانيّة: هي العوامل المُتّصلة مع تقديس الفُرس لقوى ومكوّنات الطبيعة المحيطة بهم، كالماء والنّار والشمس، ولم يظهر عند الفُرس أي اهتمام ببناء العمارة ذات الطبيعة الدينيّة، فكانت الطقوس الخاصة بهم تعتمد على تسلق الجبال، وذلك على نحو بناء يمتلك شكلاً مستطيلاً أو مربعاً من الحجارة، يتمّ الوصول له باستخدام درج، أمّا التطوّر الحقيقيّ في العمارة الفارسيّة فقد اعتمد على العمارة الخاصة بالقصور الملكيّة.
- العوامل البيئيّة: هي العوامل المُتصلة بطبيعة المناخ والطقس الخاص ببلاد فارس، والذي أثّر في نوعية وتصميم عمارتها، ففصل الشتاء فيها شديد البرودة، أمّا فصل الصيف فهو حارٌّ جداً؛ لذلك فقد حرص الفُرس على إنشاء المباني التي تتناسب مع هذه الظروف المناخيّة.
- العوامل التقنيّة: هي العوامل المُتصلة بالصناعة؛ حيث لم يُظهر الفرس أي اهتمام بمجال الصناعة، وكان اهتمامهم الصناعيّ معتمداً على الحِرف اليدويّة.
الجوانب النظريّة التي ميزة عمارة بلاد فارس من أهمّها :
- الوظيفة: وهي ما يميّز العمارة الفارسيّة عن غيرها من أنواع العمارة الأُخرى، فمثلاً بُنيت القصور الكبيرة التي تتميّز عن القصور الخاصة بحضارة بلاد ما بين النّهرين، فكان القصر الفارسيّ يحتوي على مجموعة من العناصر والمكوّنات التي تُساهم في استخدامه كمكانٍ للسكن، بالتزامن مع استخدامه كمكانٍ للحُكم.
- المتانة : وذلك عن طريق استخدام العمارة الفارسيّة للمواد ذات الطبيعة القويّة، كالحجارة التي ساهمت في بقاء آثارها.
الحروب اليونانية الفارسية:
استمرت تاريخ الحرب بين اليونان والفُرس، منذ عام 499 حتى عام 399 قبل الميلاد، وقد بدأت أثار النزاع بين الفرس واليونان، عندما نجح إمبراطور الفرس “كورش الثاني” في احتلال مملكة ليديا عام 546 قبل الميلاد، وقد عمل بذلك بتكوين إمبراطورية ضخمة، تمتد من أفغانستان وإيران وأجزاء من شرق الهند وليبيا ومصر، وامتدت إمبراطوريته ايضاً إلى شرق بحر إيجه، التي تعتبر بوابة طبيعية لأوروبا، ومن أهم ممالك بحر إيجه مملكتي ليديا وأيونيا.
وقامت بعد ذلك ثورة في أيونيا، ضد الفُرس وأعوانهم، وذلك بعد قيام المتمردين بتدمير مدينة سارديس، وقد ساعدهم بالثورة مدينة أثينا؛ ممّا دفع كسرى الفرس مهاجمة أثينا، عقاباً لها على على مشاركتها الحرب ضد بلاد الفُرس، وقد قامت الفُرس بعد ذلك بتشكيل ذريعة كبيرة، لمقاتلة اليونان، وقد سميت تلك المعركة “بمعركة “ماراثون”، وقد وقعت معركة ماراثون في عام 490 قبل الميلاد، حيث أرسل كسرى كتيبة عسكرية، تتكوَّن من ثلاثون ألف جندي، وذلك لمقاتلة أثينا، بينما كانت أثينا لديها ثمانية ألف جدين وقد قامت أثينا بهزيمة الفُرس في تلك المعركة، نتيجة الخطة التي وضعها اليونانيون.
أما المعركة الثانية التي نشبت بين الفُرس واليونانيون، فكانت في عام 481 قبل الميلاد، وقد سُمّيت معركة “ثيرموبيلاي”، وقد نتج تلك المعركة هزيمة اليونانيون، ولكن بعد تكبيد خسائر فادحة للفُرس.
ما هي سبب حملة الفُرس ضد أثينا؟
إن السبب الرئيسي في حملة الفُرس الشرسة ضد أثينا، هو الانتقام من أثينا بسبب مساندتها أيونيا في التمرد لى بلاد الفُرس، وهزيمتها في معركة ماراثون، وفي عام 480 قبل الميلاد، تمكن اليونانيون من هزيمة بالفرُس، وذلك في معركة “سالاميس”، وقد ترتب على تلك المعركة هزيمة الفُرس، وكسر شوكة الأسطول الفارسي، فقد قام حينها “أحشويرش” من الفرار نحو آسيا الصغرى مع مجموعة كبيرة من جنودهم مخلفاً وراه قائدة “ماردونيوس” مع مجموعة من الجنود.
حيث واجه ماردونيوس التحالف اليوناني في معركة كبرى حاسمة، سُمّيت بمعركة “بلاتايا”، حيث تم إلحاق الهزيمة بالفُرس في بحر إيجه، وتم قتل قائدهم ماردونيوس، وتم قتل ما تبقى من الجنود الفُرس، وتم إلحاق الخسائر الفادحة ببلاد الفُرس، وبعد ذلك قام فيليب المقدوني بتوحيد الدويلات اليونانية، وتم هزيمة إسكندر الأول، وتم طرد الفُرس من المنطقة، وفي عام 334 قبل الميلاد قام إسكندر باجتياح اليونان ودارت بينهم حرب، وأثناء حكمه تم توحيد اليونان والفرس، وهنا كانت بداية العصر الهيليني.